يحتدم بالجزائر حاليا جدل حول نشاط سياسي يقوم به تنظيم "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، الذي تم حله منذ 15 سنة باتفاق بين قيادته ومسؤولي جهاز المخابرات العسكرية، ففيما دافع زعيمه مدني مزراق على "أحقية أفرادنا في العمل السياسي"، ترفض السلطات منحه أية فرصة للعودة إلى السياسة، ولكن تحرص على عدم فتح مواجهة مع عناصر التنظيم.
اجتماع لمسلحي جيش الإنقاذ
دروس في الوعظ والإرشاد وفي السياسة
وانطلقت أشغال الجامعة الصيفية للذراع المسلحة لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" سابقا، في غابة بمنطقة مستغانم (300 كلم غرب العاصمة) أمس الثلاثاء، بمشاركة حوالي 300 شخص، حملوا السلاح مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدعوى الجهاد على إثر تدخل الجيش لإلغاء نتائج انتخابات البرلمان التي اكتسحتها "جبهة الإنقاذ".
وقال أحدهم، ينحدر من مدينة الأربعاء بالضاحية الجنوبية للعاصمة، لـ"العربية.نت"، إن الاجتماع "يشهد يوميا إلقاء محاضرات في الوعظ والإرشاد تتناول حسن سلوك المسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وأوضح نفس الشخص، وهو خمسيني، أن قياديين سابقين في التنظيم أبدوا رغبة في مطالبة السلطات برفع الممنوعات تحول دون انخراطهم في العمل السياسي. وقال نفس الشخص إنه يشارك في الجامعة الصيفية بناء على أمر من زعيم الجماعة المسلحة التي كانت تنشط بمنطقة الأربعاء قبل 20 سنة، وهو مصطفى كرطالي الذي شوهد ضمن القياديين المشرفين على اللقاء.
وذكر مسؤول من ولاية (محافظة) مستغانم، رفض نشر اسمه، لـ"العربية.نت"، أن السلطات المحلية لم تقدم ترخيصا لزعيم التنظيم مدني مزراق، يسمح بعقد الجامعة الصيفية، مشيرا إلى أن التراخيص تعطى فقط للأحزاب المعتمدة التي تعقد أنشطة سياسية داخل القاعات المغلقة. وأضاف: "الشخص المسمى مزراق لم يطلب رخصة، وحتى لو طلبها لا يمكن لنا أن نمنحها له بسبب عدم وجود شيء اسمه الجيش الإسلامي للإنقاذ. وفي كل الأحوال فشؤون هذا التنظيم تهتم به السلطات العليا بالبلاد".
مشهد آخر من اجتماع المسلحين
مزراق: "لدينا حقوق عند النظام"
وقال مزراق في اتصال هاتفي مع "العربية نت"، إنه لم يطلب الترخيص "لأننا نعتقد أنه من حقنا أن نجتمع للخوض في مواضيع تهمنا كأبناء التيار الإسلامي، وفي مواضيع تهم مصير بلادنا وأمتنا".
وحول ما إذا كان الاجتماع تناول قضايا سياسية، قال: "أكيد، فنحن لنا حقوق وعدنا بها النظام عندما أبرمنا معه اتفاقا في 1997 أفضى إلى هدنة، تطورت فيما إلى التخلي عن السلاح نهاية 1999 بموجب مشروع الوئام المدني. وعلى رأس هذه الوعود أن يسمح لنا بممارسة السياسة من جديد، لذلك نطالب رجال الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، أن يعيدوا الحقوق إلى أصحابها، ويجعلوا من المصالحة حلا نهائيا وواقعا سياسيا واجتماعيا ملموسا".
وصدر في 2006 قانون سمي "المصالحة"، منع كل أفراد "الإنقاذ" بجناحيه السياسي والعسكري، من ممارسة السياسة على أساس أنهم يتحملون مسؤولية الدماء التي سالت أثناء الحرب الأهلية.
وفي بداية 2011 عدّلت الحكومة قانون الأحزاب، بإضافة بند يحظر على "الانقاذيين" الانخراط في أحزاب أو الترشح للانتخابات.
وقد أثار هذا الحظر حفيظة علي بن حاج نائب رئيس "جبهة الإنقاذ"، الذي كان يوصف بـ"الزعيم الروحي" للجماعات الإسلامية المسلحة.
ورفض أحمد أويحيى، وزير الدولة ومدير ديوان الرئيس بوتفليقة، في مايو الماضي أي حديث عن عودة "جبهة الإنقاذ" إلى النشاط السياسي، وذلك على خلفية مشاركة قياديين منها، أحدهما سياسي وآخر عسكري، في المشاورات حول تعديل الدستور، أجراها أويحيى مع الأحزاب والشخصيات والفاعلين في المجتمع، والتي قاطعتها المعارضة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق